سوال وجواب !


هل يحصل اي إنسان مهما كان دينه على الخلاص إن كانت أعمالهِ صالحة؟ وأكيد دور التربية والتنشئة الدينية ونظرة الانسان إلى الحياة وشخصيته تلعب دوراََ في خلاصهِ ولا يشترط أن يكون مسيحياََ ليخلص , فهناك الكثير من المسيحيين هم مسيحيين بالإسم فقط وهم لا يأتون بأعمال تشابه أعمال المسيح .


هذا هو الخطا الذي يقع بهِ أكثر البشر , فيعتقدون إِنَّ هناك طريقاََ للخلاص عن طريق الاعمال الصالحة والتصرف القويم السليم , ومساعدة الفقراء والمساكين وهكذا , ولكن الحقيقة المرة هي إِنْ لا طريق آخر للخلاص غير صليب المسيح وفدائـه, وإِلا لما قبل الله القدوس أَن يتجسد ويصبح بشراََ متلنا , ومن ثَـمَ لِيُصلب حتى يفدي البشر , فلما قبل الله هذا على نفسِـهِ , وهو العليم الفهيم الذي يعلم كل شي فكان سيعلم ابسط الطرق ويُنفِذها ولا يقبل الحل الصعب والصلب والالام, فالمسيح لم يكن سادياََ ليتلذذ بالألام.

فلا الشخصية القوية ولا التربية ولا كثرة الاعمال الصالحة يمكن أن تعيد الانسان إلى حضرة الخالق - فالله كامل القداسة- ولا يمكن للبشر الذي له حتى خطيئة واحدة إقترفها أثناء حياته أن يقف أمام الديان. وقد قال المسيح " من قال لأخيهِ راقِِ يستوجب نار جهنم" ومن حقد أو اساء إلى أي من اعدائِـه كذلك يستوجب نار جهنم فقد أخَلَ بالوصية التي تقول " أَحبب قريبك كنفسك" وكل إنسان في العالم هو قريب الآخر فالجميع تربطهم رابطة القرابة بآدم جدهم الاول.

ولا وجود لمعادلة أو ميزان لنقول إِنْ كانت الاعمال الصالحة اكثر من السيئة فالنتيجة إيجابية كما تفترض بعض الاديان وتقول " الحسنة بعشرة سيئات, أو من ثقُـلَتْ موازين اعماله الصالحة يذهب إلى الجنة والنعيم" ولكن الحقيقة المُـرَة هي إِنَّ الله قال " ليس صالح فيكم ولا واحد " أي لا وجود لاي إنسان كائِن من كان من دون أن يكون لهُ ولا حتى خطيئة واحدة, فمصير الذي له خطيئة واحدة هو النار الابدية, وهنا أُذكر بسبب طرد آدم وحواء من الجنة.

فلقد كان لآدم وحواء خطيئة واحدة لا غير " وهي الاكل من شجرة معرفة الخير والشر التي نههاهُم الله عنهـا" ولم تحسب أي من أعمال آدم وحواء الصالحة وهم في الجنةِ قبل الخطيئة والمعصية , لا بل لم يتم حتى الكلام عنهـا , وكأَنَّهم لم يكن لهم ولا حتى عملِِ صالحِِ واحد. وهنا أُذكر بكلام المسيح:

في لوقا 17 : 9 وَهَلْ يُشْكَرُ الْعَبْدُ لأَنَّهُ عَمِلَ مَا أُمِرَ بِهِ؟ 10هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً، عِنْدَمَا تَعْمَلُونَ كُلَّ مَا تُؤْمَرُونَ بِهِ، قُولُوا: إِنَّمَا نَحْنُ عَبِيدٌ بطالونَ، قَدْ عَمِلْنَا مَا كَانَ وَاجِباً عَلَيْنَا!

فالأعمال الصالحة تُبقي الانسان وهو لم يخطأ بعد في حالة القداسة , وهي لا تُزيد قداسته ولكنها تُبيقيهِ قدوسَـاََ , ولكن خطيئة واحدة يرتكبها تفسد وتُزيل حالة القداسة هذهِ , ولا يمكن للخالق القدوس كُلِيَّ القداسة أّنْ يقبَـلَ بوجود النجاسة التي سببتها الخطيئة بمعيتهِ , ولذا تمَ طرد آدم وحواء من الجنة حال إقترافهم الخطيئة الواحدة التي إِرتكبوها والتي كانت كافية لموتهم الروحي والجسدي.

وقد قال الله لآدم " يوم تأكل من الشجرة الممنوعة تموتُ موتاََ , أي إِنَّ قصاص الخطيئة هو الموت الابدي أي الموت الجسدي بإِنفصال الروح عن الجسد هذا أولاََ والموت الروحي ثانياََ , ولكن الموت الروحي أنكى وأَمَـرْ من الموت الجسدي , فالروح لا تموت لأنها من الخالق ذاته, لذا موتها يكون بذهابها إلى القصاص الابدي مع الجسد في جهنم النار بعيداََ عن الخالق القدوس.

ولغرض إزالة نجاسة الخطيئة لكي يستطع الانسان أن يقف ثانيةََ أمام الله القدوس , أوجد الله طريقأََ للخلاص وذلك بدفع القصاص الذي استوجَبَتـهُ الخطيئة أولاََ , فهذا يكون بذهاب الانسان روحاََ وجسداََ إلى جهنم النار, ولكن في هذا " نهاية الانسان الذي خلقهُ الله" , ولذا قبل ألله أن يتجسد هو ويدفع الحساب كاملاََ عن الخطيئة أي أن يصبح هو الفادي والبديل الذي يأخذ القصاص بدل الانسان الخاطيء , وبهذا يكون قد ازال وغطا الخطيئة ودفع حسابها , ولأنَّـهُ الله وله الحياة الابدية , يقوم بعد الموت , حيثُ لا يمكن للموت أن يتمسك بهِ وينهي الحياة الابدية التي فيهِ , ولذا كان الفداء والصليب هو الطريق الوحيد للخلاص. ولذا قال المسيح " أنا هو الطريق والحق والحياة , لا يأتي أحد إلى الآب إِلا بي"


هل الله لا يرحم أحد من البشر له خطيئة واحدة فقط؟ , وهل من نشأ على غير المسيحية بالولادة , او من ولد لابوين مسيحيين ونشأ على المسيحية ثم تركها لا يخلص؟
وهل الأعمال الصالحة وحدها لا تؤدي إلى الخلاص , فما هي الحاجة للقيام بالأعمال الصالحة"إذن؟
ما يحصل هذهِ الايام يدل على ان الدين يتراجع والايمان يقل, فما الذي سيحصل؟


السيد المسيح هو الذي قال" ليس صالح فيكم ولا واحد" وهذا لا يستثني أحد لا الانبياء ولا أقرب الناس من المسيح ذاته , ولا كائن من كان من البشر من آدم إلى يوم الدين.

فعلاََ الله الديان عادل ولا يرحم أحد من البشر له خطيئة واحدة فقط إقترفها أثناء حياته ويصل امامه للدينونة , لكن الله قد وفر طريقاََ لتغطيئة الخطيئة وغفرانها قبل الوصول اليهِ كديان , فهو اولاََ الخالق ثمَ بعد ذلك هو الفادي والمحب , ولمن لا يقبل بفدائـهِ فهو الديان الذي لا جور في عدالتهِ ولا مسامحة او إستثناء في حكمهِ , لذا وتلبية لعدالته وتطبيقاََ لكلمته التي هي كالسيف , لم يبقى أمامه من حل لخلاص البشر إلا أن يأخذ قصاص الخطايا على نفسِـهِ ويكون البديل والفادي عن كل من يقبل بفدائِـهِ , ولذا تجسد واصبح بشراََ ليصلب ويوفر الفداء لبني البشر.

من نشأ على غير المسيحية بالولادة , او من ولد لابوين مسيحيين ونشأ على المسيحية ثم تركها طوعاََ , سيهلك , فهذا ليس إجتهاداََ مني في التفسير , لا بل المسيح هو الذي قال " لا يأتي أحد إلى الاب إلا بي , وانا هو الطريق والحق والحياة"
لكن هنا أقول هل بقي مكان في الارض لم تصله الكرازة؟ هل بقي أحد لم يسمع بفداء المسيح ؟ طبعاََ من يسمع ولا يريد بديلاََ عن ما نشأ عليه من طريقة أبائِـهِ , فهو بهذا يكون قد إختار الطريق التي سيسلكها لوصول الابدية , ويكون قد ترك طوعاََ طريق الخلاص بنعمة الفداء , وراح يعتمد على الخلاص بالأعمال وهنا يدان بحسب ناموس الوصايا أو ناموس الضمير فيهلك , حيث لا صالح ولا واحد.

الايمان من دون اعمال ميت, هذا ما قاله القديس يعقوب في رسالتهِ , ولكن يجب التفريق بين القول إِنَّ الأعمال الصالحة وحدها لا تؤدي إلى الخلاص " وبين القول " عدم الحاجة للقيام بالأعمال الصالحة" فالايمان وقبول المسيح رباََ وفاديـاََ , يجعل المؤمن يقتدي بالمسيح , ومن ثُم يُـثمر إيمانهُ اعمالاََ صالحة ومحبةَََ للقريب . وهنا أُذكر بكلام الملاك مع كرنيليوس في أعمال الرسل: فقد كان لكرنيليوس رصيد من الاعمال الصالحة , وكان يُصلي إلى الله , وقد رُفِـعَـت صلواته إلى الله , ولكنها لم تكن كافية لخلاصِهِ , لذا جاء الملاك ليقول له " ارسل واطلب بطرس وهو يكلمك بكلام بهِ تخلص , وهذا الكلام كان ليسمعه بطرس عن فداء المسيح , وعندما قبل الفداء استطاع أن يخلص , فلا اعماله ولا صلواتهُ كانت كافية لخلاصِهِ من دون دم المسيح وفدائِـهِ .

نعم ما يحصل هذهِ الايام تنبأ عنه المسيح حين قال" ولكن عندما يعود أبن الانسان , هل سيجد الايمان على الارض؟ " وهذهِ الحقيقة اصبحنا نلمسها هذهِ الايام , فالايمان في تناقص سريع جداََ , والفساد وعدم الايمان في ازدياد سريع جداََ , وهذا ينبئنا بأننا اصبحنا في الايام الاخيرة , فقد إقترب موعد مجيء المسيح الثاني , وهذا هو دينونة للتاركين وتعزية للثابتين في المسيح.


بقلم / نوري كريم داؤد

02 / 05 / 2006 


"إرجع إلى ألـبــدايــة "